مساجين مستفيدون من العفو الرئاسي يعيثون في الأرض فسادا

يستغل كثير من المتهمين موضوع العفو الرئاسي فحولوه إلى مطية لتمضية أقل مدة في الحبس، فيخططون ويجدولون ويحسبون... حيث يرتكبون جرائمهم شهورا فقط قبل صدور العفو الرئاسي عنهم، فيضربون بذلك عصفورين بحجر واحد، فمنهم من يسرق وقبل سنة يفرج عنه مستمتعا بغنائمه.

وتشهد المحاكم العديد من القضايا لمستفيدين من العفو الرئاسي ارتكبوا جرائم قبيل إصدار رئيس الجمهورية لهذا الأخير قصد الاستفادة من تدابير العفو، لكن سرعان ما يعود محترفو الإجرام إلى ارتكاب المخالفات، منها: 

مستفيد من العفو الرئاسي سرق أقفاص عصافير "المقنين" من جاره

أدانت محكمة الشراقة شابا مسبوقا قضائيا، مستفيدا من العفو الرئاسي، بالحبس عاما نافذا ومليوني سنتيم غرامة، لارتكابه جنحة السرقة التي راح ضحيتها جاره بعين البنيان. هذا الأخير، الذي صرح للقاضي الجزائي بأنه استيقظ صباحا فاكتشف اختفاء أقفاص عصافير الحسون "المقنين"، على إثرها رفع شكوى ضد مجهول، وتوصلت التحريات إلى المتهم الذي تعود سرقة جيرانه. فألقي القبض عليه متلبسا داخل فناء أحدهم بصدد سرقة قفص عصفور "المقنين"، ورغم ذلك فقد أصر المتهم على براءته وأنه لم يكن ينوي السرقة بل رؤية العصفور فقط.

توقيف مستفيد من العفو الرئاسي اعتدى على شاب بسكين 

نظرت محكمة الشراقة في قضية الضرب والجرح العمدي باستعمال سلاح أبيض محظور، التي تورط فيها شاب بعد أسبوع من استفادته من العفو الرئاسي. هذا الأخير، الذي اعترف بالجرم المنسوب إليه، موضحا أن الضحية استفزه من خلال توجيه عبارات ساخرة إليه، الأمر الذي أثار غضبه وجعله يطعنه بسكين في رأسه، وهو ما سبب لهذا الأخير عجزا عن العمل لمدة 15 يوما. وقد التمس وكيل الجمهورية ضده عقوبة الحبس عامين نافذين و100 ألف دج غرامة. 

كهل يسرق سريرا بعد شهر من استفادته من العفو الرئاسي 

أوقفت مصالح الأمن بالشراقة كهلا في العقد الرابع من العمر في حالة تلبس بحوزته سرير سرقه من محل لبيع الأفرشة، على إثرها أحيل المتهم على وكيل الجمهورية لدى محكمة الشراقة الذي أمر بإيداعه الحبس المؤقت لكونه مسبوقا قضائيا ومستفيدا قبل شهر من العفو الرئاسي. وحسب مصادر مطلعة، فإن المتهم أنكر في جميع مراحل التحقيق معه الفعل المنسوب إليه، موضحا أنه يوم الوقائع كان رفقة ابنته الصغيرة لشراء ملابس العيد لها وعندما شاهده الشرطي الذي كان في زي مدني يحمل السرير ظن أنه سيسرقه، مشيرا إلى أنه كان بصدد معاينته بغية اقتنائه. وقد تم إيداع المتهم الحبس إلى حين تحديد تاريخ محاكمته. 

مستفيد من العفو الرئاسي يدخل السجن احتجاجا على اعتقال شقيقه 

مثل شاب استفاد من العفو الرئاسي للسنة الماضية أمام القاضي الجزائي لدى محكمة الشراقة بتهمتي حمل سلاح محظور دون مبرر شرعي وإهانة قوة نظامية أثناء تأدية مهامها، وحسب ما دار في جلسة المحاكمة بدأت الملابسات عندما سمع المتهم باعتقال الشرطة شقيقه إثر تورطه في قضية سرقة، فثار غضبه وحمل سكينا وتوجه إلى المركز احتجاجا على توقيف شقيقه، طالبا إطلاق سراحه. على إثرها زج بالمتهم للمرة الرابعة في السجن، وقد التمس وكيل الجمهورية ضده الحبس عاما نافذا وغرامة بقيمة 20 ألف دج. 

مجرمون يجدولون جرائمهم استعدادا للعفو 

كشفت المحامية زهية مختاري من خلال القضايا التي عالجتها في المحاكم عبر التراب الوطني أن عملية الاستفادة الجماعية من العفو الرئاسي تتم بصفة عشوائية حيث لا يتم دراسة ملف المستفيد بموضوعية وفي كثير من الأحيان المستفيدون يرجعون إلى الجريمة، مضيفة أنه "من المفروض ألا يشمل هؤلاء بالعفو الرئاسي لأنهم امتهنوا الجريمة، والعفو عنهم لا فائدة منه، لأن الإفراج عن المجرم الذي يعود إلى المجتمع لارتكاب جريمة، جريمة في حد ذاتها، والمستفيدون من العفو يعودون بالأكثر بعد شهرين إلى السجن". وصادفت المحامية مختاري حالات في نفس اليوم الذي تخرج فيه بموجب عفو رئاسي تعود إلى السجن، وحسبها يدل ذلك على أن العقاب المسلط ضدهم لم يكن رادعا، كما أن البعض ممن امتهن الجريمة لهم مخططات سنوية لارتكاب جرائمهم، حيث يقترفونها في فصل الشتاء وبعد مكوثهم أشهرا فقط في المؤسسة العقابية يستفيدون من العفو في 5 جويلية، بمعنى أنهم يقومون بعملية جدولة جرائمهم. وفي سياق متصل، أفاد الأستاذ علي زوينة بأن المستفيدين من العفو العام يجب أن تتوفر فيهم شروط معينة. فالسجين مواطن عادي يمارس حقوقه المدنية بصفة عادية وطبيعية بعد خروجه من المؤسسة العقابية وانقضاء مدة الإدانة.