الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب، فردّد – أي سأل عدة مرات - قال: لا تغضب.. إشارة منه صلى الله عليه وسلم ما لهذا التصرف أو الفعل من تأثيرات سلبية غاية في السوء، وغالبًا تكون نتائجه غير محمودة.
إنه صلى الله عليه وسلم بهذا يدعونا إلى خُلُق التسامح والتجاوز عن الأخطاء والهفوات، وما أكثرها في تعاملاتنا اليومية مع الآخرين.. فالتسامح خُلق رفيع وطيب وراق.
قد يفهم أو يعتقد أحدكم بأن التسامح مؤشر على أنه تنازل عن حق أو مخافة أمور أخرى عظيمة وتبعات لا يتحملها البعض، فيلجأ إلى التسامح مكرهًا غير راغب. بالطبع ليس هكذا هو التسامح الذي أعنيه، بل هو ذاك النوع الذي نريده كمنهج حياة أو طريقة حياة، وليس رد فعل لواقعة عابرة.. لأنك حين تتسامح مع المخطئ مثلًا أو من يرتكب حماقة أمامك أو معك، فأنت لا تتنازل عن حقك، بل تتعالى وتترفع عن السقوط في الحماقة أو الخطأ الذي يحدث.
إنك تترفع وتزداد شموخًا في التعاطي مع تلك الأمور الصغيرة، وبالتالي تُنفّس عما يحدث بداخلك من مشاعر غيظ تجاه الذي يقع أمامك أو معك، ولكنه التنفيس الراقي الشامخ، وليس ذاك الذي يترجمه البعض على شكل عراك بالأيدي أو لعنات وشتائم.. ورغم يقيني أن الأمر ليس بسهولة التنظير والكتابة عنه، لكن ليس هو بالأمر المستحيل، ولنا في ذلك قدوتنا دومًا وأبدًا، الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وإخوانه من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.. وفرصة العيد عظيمة للتسامح والصفح والتجاوز عن أخطاء وزلات الغير، والله يحب المحسنين، الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس.. وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير.