في الوقت الذي تعتزم فيه الدولة استرجاع أموال السوق الموازية من خلال فرض التعاملات بالصكوك البنكية لمبالغ مالية تفوق الـ100مليون سنتيم، تشهد محلات بيع الخزائن الفولاذية المصفحة إقبالا منقطع النظير من طرف التجار وحتى المواطنين البسطاء، حيث تأتي الخزائن الحديدية المشفرة والمزودة بإنذارات في مقدمة الخزائن المختارة سواء لحفظ الأموال أو الذهب والوثائق الهامة.
في جولة استطلاعية قادت الشروق، لبعض محلات بيع الخزائن الفولاذية، على غرار محل في حي بانوراما بحسين داي، ومحلات بمقطع خيرة بدواودة ولاية تيبازة، ومحلات في الجرف بالدار البيضاء شرق العاصمة، رصدنا الإقبال والاهتمام بالخزائن الحديدية المزودة بإنذار والمشفرة، وهي الأمن بعد انتشار السطو على المنازل والفيلات .
ورغم غلاء هذه الخزائن والتي يتجاوز سعر أصغر خزانة منها، 8000دج، إلا أن حسب أحد المواطنين والذي وجدناه يشتري واحدة مزودة بإنذار، فإنها أأمن من أي مكان آخر يضع فيه أمواله، وهي أأمن من البنوك نفسها .
في حين يرى أحد زبائن محل ببنوراما، أن الخزائن الفولاذية ليست مخصصة فقط للمال، فهي مناسبة لحفظ الملفات والمجوهرات، وحتى بعض الأسرار كالرسائل والصور.
ويفسر تجار الخزائن الفولاذية، سر تزايد الطلبات عليها، بمعاناة الجزائريين مع المؤسسات المصرفية، والعراقيل التي يواجهونها لدى رغبتهم في سحب أموالهم في المناسبات والأعياد، وقال صاحب محل بمقطع خيرة بدواودة غرب العاصمة، إن الناشطين في التجارة يفضلون هذه الخزائن خاصة بعد تزويدها بإنذارات، وتشفيرها، كوسيلة تعطيهم ديناميكية حركية في التعاملات حتى في العطلة الأسبوعية.
الخزائن الفولاذية، انتشرت التجارة بها حتى في الأسواق الشعبية الأسبوعية وفي أسواق بيع المواشي والعتاد المنزلي، وباتت حسب أحد بائعيها، موضة يضعها في بيوتهم أصحاب الفيلات والمساكن الفردية.
مسدور: الخزائن الفولاذية احتلت طوابق بأكملها في فيلات تجار ببعض الولايات
في السياق، أوضح الخبير في الاقتصاد، الدكتور فارس مسدور، أن الإقبال على الخزائن الفولاذية يعكس حقيقة التخوف من العقوبة التي فرضتها الحكومة على أصحاب الشكارة والمتعلقة بضريبة 7 من المائة، مؤكدا أنه رغم فرض التعامل بالصكوك لمبالغ فوق 100مليون، إلا أن التحايل من طرف التجار والـ"بزنسية" يأتي بكل الطرق، مضيفا أنه بإمكان أي تاجر أو أي مواطن أن يتعامل بـ100مليون سنتيم نقصها 10دج مثلا، ويمنح مبالغ تقل عن هذا المبلغ عبر عدة مراحل.
وقال مسدور إنه وقف على بعض الحالات لدى كبار التجار حولوا طوابق لفيلاتهم لخزينة فولاذية، ويتعاملون بـ"الشكارة" بعيدا عن البنوك، حيث دعا لمصالحة وطنية اقتصادية عن طريق منظومة جبائية جديدة ترفع الضرائب عن أصحاب المال لمدة 5سنوات ونزع ضريبة 7من المائة والتي تعتبر عقوبة شجعت على النفور من البنوك.
الإمام علي عية: الأموال الراكدة في الخزائن الفولاذية حرام
من جهته، قال إمام المسجد الكبير، الشيخ علي عية، إن المؤسسات المالية في الجزائر مسؤولة على انتشار ظاهرة تخزين الأموال في البيوت وفي الخزائن الفولاذية، مضيفا أن الدين الإسلامي حرم الأموال الراكدة وغير المتحركة والتي يتم تخزينها في البيوت، حيث حذر هؤلاء الذين يخزنون أموالهم في الخزائن الفولاذية دون صرفها والتعامل بها تجاريا.
وأشار الإمام علي عية، إلى شيء مهم قد يغيب عن فكر بعض المخزنين أموالهم في البيوت، وهو الإرث حيث يرى أن الخزينة الفولاذية قد تحرم بعض الورثة من حقهم في حالة وفاة صاحبها واستيلاء أحد أفراد العائلة عليها، كما قد تضيع أمواله في حالة تعرض المنزل لفيضان أو زلزال أو سرقة.
ودعا عية لتفعيل التعاملات المالية ومراعاة البنوك لزبائنها من خلال اللجوء للعمل بالمناوبة في عطلة الأسبوع والأعياد والمناسبات وتشجيع إنشاء البنوك الإسلامية.