ماذا عن أحوالنا بعد رمضان؟

ممّا يلاحظ على الكثير من المكلَّفين الفتور بعد أداء العبادة، فللنّفس نشطة وفترة، فينبغي للإنسان إذا فتر ألاّ يسمح للفتور أن يتجاوز حدّ ترك الواجبات،

نشرت : المصدر الخبر الجزائرية السبت 25 يوليو 2015 09:00

بمعنى أنّه قد يفتر الإنسان، لكن لا يكون هذا الفتور إلى حدّ ترك الصّلاة جماعة، أو ترك السنن المؤكّدة، أو الوقوع في المعاصي.

 ترى لماذا نقبل على الله في رمضان ثمّ نفتر بعد ذلك؟ فإذا كانت المسألة عدم الجدية في العبادة، فلقد كنّا بفضل الله نجدُّ ولم نكن عاجزين، فلماذا هذا الفتور إذًا؟ ففي ليلة السّابع والعشرين من رمضان يلفت نظرك أنّ أغلب المساجد مليئة بالنّاس، وقد تركوا بيوتهم وأولادهم وأهليهم واتّجهوا إلى المساجد يصلّون لله عزّ وجلّ، ولكن في اللّيلة الموالية ليلة ثماني وعشرين لا تجد في المساجد إلاّ العمَّار الرّاتبون، فلماذا هذا التّفريط؟
إنّ الله تبارك وتعالى حيّ قيّوم يقبَل العمل، سواء عملته في اللّيل أو في النّهار، عملته في رمضان أو عملته في شوّال، فهو تبارك وتعالى قيّوم: {قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}، المسلمون في رمضان يظهر جليًا اهتمامهم بالعبادة والقيام وقراءة القرآن وسائر القُربات، بينما يهملون دينهم بقية شهور العام، ومن أسباب ذلك الفتور الّذي يعتريهم في سائر أيّام العام، فسيرهم إلى الله مركب على الرّجاء، فيستثمرون أوقاتًا تضاعَفُ فيها الحسناتُ كليلة القدر مثلاً، وكأنّ عملهم فيها مقبول يقينًا، ولا يلتفتون إلى الأوقات الأخرى، فلو ركبوا في إبحارهم إلى المولى الودود تعالى مركب الشّوق والمحبّة لما تهاونوا، ولما استثقلوا العبادة والطّاعة، فإذا كان الله عزّ وجلّ يعاملنا هذه المعاملة ومن صفاته الودود، فلماذا ندبر عنه سبحانه.
ينبغي علينا أن نحقّق العبودية لله تبارك وتعالى في أنفسنا وأهلينا وأولادنا، نعم شهر رمضان شهر طاعات، ولكن الله تبارك وتعالى يحبّ العبد إذا عبده في وقت غفلة النّاس، ففي صحيح مسلم من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أنّه رأى قومًا يصلّون من الضُّحى فقال: “أما لقد علموا أنّ الصّلاة في غير هذه السّاعة أفضل”، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “صلاة الأوّابين حين تَرْمَضُ الفصال”، قال الإمام النووي: “الرّمضاء: الرّمل إذا اشتدّت حرارته بالشّمس، أي: حين يحترق أخفاف الفصال، وهي الصّغار من أولاد الإبل، والأواب: المطيع، الرّاجع إلى الطّاعة. وفي الحديث: فضيلة الصّلاة هذا الوقت، وهو أفضل وقت صلاة الضّحى، وإن كانت تجوز من طلوع الشّمس إلى الزّوال”.
فهذا الوقت يقدّر بأنّه قبل الظّهر بنحو ساعة ونصف أو ساعة وربع، فإذا صلّيت لله عزّ وجلّ في هذا الوقت، فقد عبدت الله في وقت قلّمَا يسجد له فيه ساجد، فالنّاس في معايشهم يسعون في الأرض، فسمّى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذه الصّلاة صلاة الأوّابين، وهي منزلة من المنازل العظيمة الّتي إذا حقّقها العبد كان ناجيًا بإذن الله.
فهذا ابن مسعود بكى في موته، فقيل له: لم تبك يا ابن مسعود؟ قال: جاءني المرض في زمن الفتور، أي: فتور الطّاعة، وكنت أحبّ أن يأتيني في زمن النشاط، أي: وأنا أتهجّد وأقرأ وأصوم؛ حتّى إذا جاء ملك الموت قُبضت على طاعة. وسأل هرقل أبا سفيان عن المسلمين: أيرجعون عن دينهم أم لا؟ قال أبو سفيان: لا، قال هرقل: وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب. فهرقل يعلَم أنّ مَن ذاق حلاوة الإيمان، وعرف طعمه لا يمكن أن يرجع عن دينه أبدًا مهما فُعل به، فطعم الإيمان، ولذّة الطّاعة هما السرّ في الاستمرار وعدم الانقطاع.
نعم يفتر المسلم ويتراخى، ويمرّ به ضعف وكسل، وذلك مصداق حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إنّ لكلّ عمل شِرَّةً، ولكل شِرَّةٍ فترةٌ، فمَن كانت فترتُه إلى سنّتي فقد أفلح، ومَن كانت إلى غير ذلك فقد هلك”. فالمسلم يفتر ويضعف لكنّه لا ينقطع، واسمع لهذا الكلام القيم لابن القيم رحمه الله: تخلل الفترات، أي الفترة والكسل، للسّالكين أمر لا بدّ منه، فمَن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد، ولم تخرجه من فرض، ولم تدخله في محرم، رجي له أن يعود خيرًا ممّا كان.
فلعلّنا أيّها الأحبّة نقارن بين حالنا في رمضان وحالنا خلال هذه الأيّام، لنشعر بما فقدناه من اللّذة والطّاعة وحلاوة الإيمان، والله المستعان، وهو وليّ التّوفيق. 

آخر الأخبار


تابعوا الهداف على مواقع التواصل الاجتماعي‎

الملفات

القائمة
12:00 | 2021-08-01 أديبايور... نجم دفعته عائلته للانتحار بسبب الأموال

اسمه الكامل، شيي إيمانويل أديبايور، ولد النجم الطوغولي في 26 فيفري عام 1984 في لومي عاصمة التوغو، النجم الأسمراني وأحد أفضل اللاعبين الأفارقة بدأ مسيرته الكروية مع نادي ميتز الفرنسي عام 2001 ...

07:57 | 2020-11-24 إنفانتينو... رجل القانون الذي يتسيد عرش "الفيفا"

يأتي الاعتقاد وللوهلة الأولى عند الحديث عن السيرة الذاتية لنجم كرة القدم حياته كلاعب كرة قدم فقط...

23:17 | 2019-09-13 يورغن كلوب... حلم بأن يكون طبيبا فوجد نفسه في عالم التدريب

نجح يورغن كلوب المدرب الحالي لـ ليفربول في شق طريقه نحو منصة أفضل المدربين في العالم بفضل العمل الكبير الذي قام مع بوروسيا دورتموند الذي قاده للتتويج بلقب البوندسليغا والتأهل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، وهو ما أوصله لتدريب فريقه بحجم "الريدز"...

خلفيات وبوستارات

القائمة

الأرشيف PDF

النوع
  • طبعة الشرق
  • طبعة الوسط
  • طبعة الغرب
  • الطبعة الفرنسية
  • الطبعة الدولية
السنة
  • 2021
  • 2020
  • 2019
  • 2018
  • 2017
  • 2016
  • 2015
  • 2014
  • 2013
  • 2012
  • 2011
  • 2010
  • 2006
  • 2003
  • 0
الشهر
اليوم
إرسال