أوتمار هيتزفيلد: "المنتخب الألماني أصبح مرجعية في كرة القدم"

إذ سبق لـ هيتزفيلد أن قاد أندية أوراوا وغراسهوبر السويسريين لتحقيق العديد من الألقاب المحلية في حقبة الثمانينات، ولكن ظهوره كمدرب عالمي كان في موسم 1996 / 1997 لما أدخل نادي بوروسيا دوتموند التاريخ من أوسع أبوابه بعد تتويجه معه بلقب رابطة أبطال أوروبا لأول وآخر مرة مند تأسيسه، إنجازات أوتمار لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت إلى نجاحات أخرى مع العملاق بايرن ميونيخ الذي أعاده لواجهة الأحداث، وفاز معه بـ 8 ألقاب كاملة أهمها لقب دوري الأبطال سنة 2001، وهو ما فتح له الأبواب لخوض تجربة جديدة في مسيرته المهنية تمثلت في تدريب المنتخب السويسري خلال مونديالي 2010 و2014، قبل أن يضع حدا لمشواره التدريبي بعدها، هيتزفيلد في هذا الحوار الذي أجراه معه موقع "CHINA DEVELOPEMENT GET WAY" الصيني تحدث عن العديد من القضايا والمواضيع التي تخص كرة القدم العالمية والتحولات الممكن أن تطرأ عليها خلال السنوات القليلة القادمة، كما تكلم عن واقع الكرة الألمانية وامتدح فوز "المانشافت" بلقب كأس العالم ومدى تأثيره على أندية "البوندسليغا"، بالإضافة إلى أمور أخرى ستكتشفونها في هذا الحوار الشيق.

 

بداية، ما رأيك في التغير الحاصل على مستوى كرة القدم العالمية، وما مدى تأثير ذلك على تطور هذه اللعبة في الصين خصيصا؟

كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية في العالم، علينا أن ننظر فقط إلى صور المشجعين خلال مونديال البرازيل لنتعرف على مدى شغفهم بهذه اللعبة التي استطاعت لم شملهم في نقطة واحدة، فالاهتمام بالساحرة المستديرة أصبح موضة عالمية وثقافة موجودة لدى كل الشعوب، أما بخصوص انتشار وتطور هذه الرياضة في بلد كبير مثل الصين، نعم يمكنني أن أقول إن بلدكم يمتلك هياكل ضخمة في هذا المجال، ولكن الموارد المادية والإمكانات المتاحة يجب ألا توجه فقط نحو الأندية، بل على المسؤولين وضع إستراتيجية واضحة المعالم لتطوير هذه اللعبة بشكل يسمح للطاقات الشبانية بتفجير إمكاناتها والبروز بشكل أفضل مما نراه حاليا.

 

هل يمكنك أن توضح لنا الأمور بخصوص هذه النقطة أكثر؟

أنا متأكد بأن تطور كرة القدم في أي بلد متوقف على وضع مجموعة من القواعد الواضحة والشفافة والمتمثلة أساسا في بناء مدارس كروية ترعى الأجيال الصاعدة، وتقدم لها تكوينا احترافيا عالي المستوى يغرس لدى الطاقات الشبانية المنتشرة بقوة في الصين التي تمتلك خزانا من المواهب الرياضية التي تحتاج فقط للصقل والتهذيب، وعليه فأنا متفائل وواثق من قدرة بلدكم على مواكبة ركب الدول الرائدة في لعبة كرة القدم مثلما هو عليه الأمر في الرياضات الأخرى.

 

دعنا نتحدث الآن عن مستقبل كرة القدم بشكل عام، وما رأيك في آراء المختصين الذي يتوقعون تطور هذه اللعبة بشكل يجعل اللاعب لا يلتزم بالمنصب المحدد له في خطة المدرب؟

كرة القدم أصبحت علما قائما ومستقلا بذاته، ولا أعلم كيف ستتطور الأمور بسرعة في هذا المجال، ولكنني أستطيع أن أشير إلى ظهور مفاهيم وخطط تكتيكية جديدة يتبعها المدربون في إدارتهم للمباريات، كتغيير مراكز اللاعبين من الجهة اليسرى إلى الجهة اليمنى مثلا، أو من خلال منح الحرية للمدافعين للتقدم أكثر إلى الأمام وتسجيل الأهداف، وهي كلها إستراتيجيات جديدة تختلف عن كلاسيكيات اللعب التي تلزم اللاعبين بالاحتفاظ بمناصبهم فوق أرضية الملعب.  

 

لنتحول إلى المنتخب الألماني، هل تعتقد أن اعتزال لاعبين مثل لام، كلوزه، وميرتساكر دوليا يعني نهاية الجيل الحالي لـ "المانشافت"؟

نهاية الجيل الحالي؟ لا أعتقد ذلك، أظن بأنه من المبكر جدا الحديث عن تفكير المسؤولين في القيام بعميلة إحلال وتجديد داخل المنتخب الألماني، لأن التركيبة البشرية الحالية تضم مجموعة كبيرة من اللاعبين الشباب، أما فيما يخص قرار الثنائي لام وميرتساكر باعتزال اللعب دوليا، فقد فاجأني كثيرا لأنهما كانا قادرين على العطاء أكثر، وفي المقابل يمكننا تقبل اعتزال كلوزه للعب بالنظر إلى مجموعة من المعطيات، أهمها بلوغه لسن متقدمة، وهو ما جعل تفكيره ينصب على اللعب مع ناديه بعدما حقق جميع أهدافه مع المنتخب، آخرها الفوز بكأس العالم.

 

هل ترى بأن طريقة لعب المنتخب الألماني أصبحت تمثل مرجعية بالنسبة للمنتخبات الأخرى؟

بطبيعة الحال، طريقة لعب المنتخب الألماني أصبحت مرجعية و"موضة" يمكن للمنتخبات الأخرى إتباعها والاعتماد عليها، وذلك في نسخة كاربونية لما قدمه المنتخب الإسباني من سحر كروي خلال السنوات الأخيرة، فـ ألمانيا تعتمد في أسلوبها على اللعب الهجومي الممتع، ولكن ذلك لا يمنع القائمين على المنتخب من تقوية خط الدفاع وتطوير آدائه، وهو ما يمكن تحقيقه بالنظر إلى امتلاك الفريق للعديد من الأسماء الصاعدة، حقيقة أنا سعيد بمستوى المنتخب الألماني بقيادة يواكيم لوف الذي أدعوه للعمل أكثر وعدم التوقف عند هذا الحد.

 

ماذا عن المنتخب السويسري، هل تعتقد بأنه سيحقق نفس النجاحات السابقة بعد رحيلك، وما رأيك في اعتماده شبه الكلي على اللاعبين المجنسين؟

الكرة السويسرية تمر بأزهى فتراتها وهي تتطور بشكل تدريجي نحو الأفضل، أعتقد بأن تواجد الكثير من اللاعبين المجنسين في مختلف الدوريات الأوروبية أمر إيجابي سيصب في مصلحة المنتخب الذي ينتظره مستقبل زاهر رغم رحيلي عنه، لأنه سبق لنا أن أسسننا لمنظومة كروية واضحة المعالم ستمكن سويسرا من مواصلة السير على الطريق الصحيح، وتفتح لها المجال لتحقيق إنجازات أكبر من تلك المحققة في كأس العالم الأخيرة، أين أقصينا من الدور ثمن النهائي بصعوبة على يد الأرجنتين.  

 

الدوري الألماني سينطلق بعد أيام، ما هي الصعوبات التي يمكن أن يصادفها المدربون مع لاعبيهم العائدين من منافسة قوية مثل كأس العالم؟

من خلال تجربتي الخاصة، أستطيع القول بأن مدربي الدوري الألماني سيواجهون صعوبات كبيرة في تجهيز لاعبيهم لتحديات الموسم الجديد، والكلام هنا يخص بيب غوارديولا ويورغن كلوب مدربي بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند اللذين سيقومان بالمستحيل لتحضير لاعبيهما من الناحية البدنية، وذلك لتفادي أي بداية متعثرة في مسار الدوري قد تؤثر على حظوظ فريقيهما في التتويج بلقب "البوندسليغا" عند إسدال الستار عن مجريات الموسم.

 

البايرن لم يسبق له التتويج بأي لقب بعد إحراز ألمانيا لكأس العالم، هل سيتكرر معه هذا السيناريو مرة أخرى؟

تتويج ألمانيا بكأس العالم قد تكون له انعكاسات سلبية على لاعبي بايرن ميونيخ، وخاصة بالنسبة لـ لام وشفايشتيغر اللذين عاشا ضغطا رهيبا بسبب تفكيرهما في إمكانية عدم الفوز بهذه المسابقة خلال مشاركتهما الأخيرة في مجرياتها، وهو ما سيجعل عودتهما لأجواء المنافسة الرسمية بالأمر الصعب، بالنظر إلى حجم الضغط النفسي الهائل الذي كان ملقى على عاتقيهما.

 

إذن سيكون فوز "المانشافت" بكأس العالم سيكون نقمة على البافاري؟

لا أعتقد ذلك لأن بايرن ميونيخ يمتلك تقاليد وخبرة كبيرة في التعامل مع مثل هذه الظروف، كما أن مدربه جوزيب غوارديولا سبق له أن عاش نفس الوضعية مع برشلونة خلال تتويج المنتخب الإسباني بنفس المسابقة، وهو ما سيجعله مؤهلا لتجاوزها بأفضل طريقة ممكنة، خاصة أنه يمتلك تشكيلة قوية وثرية تسمح له باختيار اللاعبين الأكثر جاهزية للمشاركة في المباريات.

 

نفهم من كلامك أنك مازالت ترشح البايرن للفوز باللقب رغم إصابة مارتينيز؟

مارتينيز لاعب مهم في حسابات المدرب غوارديولا، ولكن النادي البافاري يمتلك الموارد المالية التي تسمح له بالتعاقد مع لاعب جديد يمكنه تعويضه، نعم البايرن مرشح دوما للفوز باللقب ولكن الأندية الأخرى مثل بوروسيا دورتموند، شالك، بايرن ليفركوزن، فولفسبورغ وفيردر بريمن مطالبة بالاستثمار في الوضع الصعب الذي يمر به الفريق للظهور بشكل أفضل في الموسم الجديد ومخالفة كل التوقعات.

 

الكثيرون يعتقدون أن دورتموند هو الوحيد القادر على منافسة البايرن، ما رأيك؟

نعم، بوروسيا دوتموند لديه كل الإمكانات التي تؤهله لمنافسة بايرن ميونيخ على لقب الدوري الألماني، كلوب يمتلك تشكيلة قوية ولاعبين مهاريين يمكنهم إزاحة البافاري من على عرش "البوندسليغا"، أنا ضد التوقعات التي تشير إلى إمكانية انهيار هذا الفريق بعد بيع أفضل نجومه في الموسمين الماضيين لأنه أصبح يمتلك ثقافة الفوز بالألقاب خلال السنوات الأخيرة.

 

من هو الفريق القادر على صنع المفاجأة في "البوندسليغا" هذا الموسم؟

لقب الدوري الألماني سينحصر بين أندية النخبة كالعادة، ولكنني أعتقد بأن نادي بوروسيا مونشنغلادباخ قادر على صنع المفاجأة ولعب دور الحصان الأسود في هذا الموسم، شتوتغارت هو الآخر قادر على قول كلمته، وعليه أتوقع بأن تكون المنافسة على أشدها بين الفرق، وهو ما سيصب في مصلحة عشاق "البوندسليغا".

                                  عن موقع "china development gateway"