يفصل اليوم المجلس العلمي التابع لوزارة الشؤون الدينية في أهم الملفات التي أثارت جدلا واسعا، بسبب اختلاف الآراء والمواقف بشأنها، أهمها قضية أونساج والصرع قبل الذبح، وهي ملفات تريد الوزارة أن تثبت من خلالها بأن الإفتاء هو من بين الصلاحيات المخولة لها، والتي ضاعت منها في عهد الوزير السابق غلام الله.
ويعتبر بعض رجال الدين، من بينهم عضو المجلس الإسلامي الأعلى "مأمون القاسمي"،بأن اجتماع المجلس العلمي الوطني لدراسة ملفات على درجة من الحساسية، قائلا لـ"الشروق": "لأول مرة يعقد اجتماع مماثل للتطرق إلى هذه الملفات"، لكنه تحاشى التعليقعلى الملفات التي ستعرض على الإفتاء، علما أن الدستور يخول أيضا للمجلس الإسلاميالأعلى صلاحية الإفتاء، وهو يعد هيئة استشارية لدى رئاسة الجمهورية، غير أنه قلما تلجأإليه وزارة الشؤون الدينية للفصل في الملفات أو المستجدات التي تطرح باستمرار.
كما أنه نادرا ما تستعين الوزارة بأعضاء هذا المجلس للمشاركة في إصدار الفتوى حولملفات مختلفة، ويفسر المستشار السابق لوزارة الشؤون الدينية "عدة فلاحي" قلة التنسيقبين المجلس الإسلامي الأعلى وجمعية العلماء المسلمين وكذا وزارة الشؤون الدينية فيإصدار الفتاوى، بوجود تنافس فيما بينها على صلاحية الإفتاء، التي تصر الهيئة الوصية علىاستعادتها وممارستها كاملة، وهي من بين الرهانات التي يعول عليها كثيرا الوزير الجديدمحمد عيسى.
ويرى ذات المصدر انطلاقا من تجربته، بأن المجلس الإسلامي الأعلى وكذا جمعية العلماءالمسلمين هما اللذان يتحفظان بشأن التعاون مع الوزارة، بدعوى أن كل طرف يريد احتكارالإفتاء، بغرض الحصول على المصداقية تجاه الشعب وكذا الجهات الرسمية، بالنظر إلىدرجة أهمية هذه الصلاحية، "في حين إن الأفضل هو تحقيق التكامل بين جميع تلك الهيئات".
وبحسب ما ينص عليه القانون، فإن المجلس العلمي هو المخول لمناقشة ومتابعة النوازلمن القضايا المستحدثة، وهو يضم في تشكيلته مختصين في مجالات مختلفة من بينهمالأطباء، لذلك فإن آراءه ومواقفه لا تحمل المزايدة. ويرفض فلاحي أن يحمل الوزير السابقبوعبد الله غلام الله الذي عمل معه بصفته مستشارا إعلاميا مسؤولية عدم التنسيق معجمعية العلماء المسلمين والمجلس الإسلامي الأعلى، معتقدا بأن الوزارة كانت أبوابها دائمامفتوحة، "غير أن هناك نوعا من الحساسية بين جميع هذه الأطراف، وكل واحد يرى بأنهالأولى بالفتوى"، في حين إنه لا مجال للاجتهاد الفردي في قضايا عدة، ويبرر "فلاحي"موقفه هذا، بأن الاجتهاد الفردي عادة ما يكون عرضة للتضاربات، من خلال إصدار فتوىوفتوى مضادة، في حين إن المجلس العلمي هو كيان متكامل، ويحل محل دار الإفتاء، التيأخفق وزير الشؤون الدينية السابق في تجسيدها، حيث بقي المشروع الذي اقترحه علىالرئاسة حبيس الأدراج.
ويعد ملف "أونساج" والصرع قبل الذبح من بين أهم الملفات التي سيدرسها علماء ومشايخوأطباء ومختصون في العلوم اليوم وغدا في إطار المجلس العلمي الذي ينعقد هذه المرةبولاية غرداية، إلى جانب قضيتي المسؤولية الجنائية في حوادث المرور وفيروس كورونا.ويعتقد رئيس المجلس الوطني المستقل للأمة، جمال غول، بأن اجتماع المجلس العلميالوطني هو سابقة في قطاع الشؤون الدينية، معتقدا بأن الوزارة هي إدارة وليست معنيةبالفتوى، معلقا على غلام الله الذي كان يفتي في كل قضية، وذكر بقوله: "من لم ينتخب فهوخائن"، قائلا بأن طرح قضايا مهمة على المجلس العلمي هو أمر إيجابي، والتي سيتم الفصلفيها بعيدا عن السياسة والضغوطات والإدارة، نافيا علمه بوجود تنسيق بين وزارة الشؤونالدينية والمجلس الإسلامي الأعلى وكذا جمعية العلماء المسلمين، معتقدا بأنه لا يرى تنسيقابينهما، بدعوى أن تناول المجلس الإسلامي الأعلى للقضايا المهمة نادر.
ويؤكد عدة فلاحي من جانبه بأن المواضيع التي ستطرح اليوم جد حساسة، وأسر لـ"الشروق" بأن الملف الأكثر حساسية هو "أونساج" الذي أعد بشأنه بحثان، الأول يجيزوالآخر يحرم هذه الصيغة في تشغيل الشباب، علما أن غلام الله رمى بالكرة في مرمى الأئمةالذين منحهم صلاحية الفصل في الموضوع، في حين إن القرار النهائي سيراعي معطياتعدة، من بينها الأدلة المعتمد عليها، والأهم من كل ذلك مراعاة المصلحة، التي تعد ركناأساسيا في الشريعة، وهي التي سترجح الكفة في النهاية، علما أن المجلس العلمي يتكونمن ممثلين عن المجالس العلمية لـ 48 ولاية.
كلمات دلالية :
أموال "أونساج"