حذّر رئيس مجلس الإفتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى، الشيخ محمد شريف قاهر، الدولة الجزائرية من مغبّة التهاون مع "منتهكي شهر الصيام" لما في فعلهم حسبه من إساءة إلى الإسلام والوطن والشهداء والمجاهدين وكل ما يرمز إلى سيادة البلاد، مؤكّدا على وجوب تعامل السلطات بكل صرامة وحزم مع دعاة انتهاك الشهر الفضيل لأنّ ذلك ما يوجبه الدّستور الذي ينصّ على أنّ "دين الدولة الإسلام".
وقال الشيخ قاهر، تعليقا على دعوة الماك الانفصالي أنصاره إلى انتهاك حرمة الشهر علنافي ذكرى الاستقلال، بأنّه يجب على الشرطة وكل أجهزة الدولة تحمّل مسؤولياتها أمام الله ثمّأمام الوطن، وأنّه يجب عليهم منع هؤلاء من تجاوزهم لمسلّمات الدّين والمعلوم منهبالضرورة، كما شدّد على جميع "المسلمين في الجزائر بأن يهبّوا لنصرة دين الله والرد علىهذا الفعل المشين" بكل الوسائل والسبل الشرعية ومن بينها "أن يقوموا بإفطار جماعيوقت الغروب كما حصل في العام الماضي" وذلك في حال تقاعست الدولة الجزائريةوأجهزتها عن تأدية واجباتهم "الدينية والدستورية والوطنية والتاريخية" لحماية البلاد ممّنلا يريد بها خيرا ويرفض دين الإسلام.
الشيخ قاهر طالب بتجنيد وسائل الدولة في سبيل كبح جماح من يريد الإساءة إلى دين اللهومن ذلك القبض على من تسوّل له نفسه فعل هذا الأمر أو الدعوة إليه في بلد أهله مسلمونولم يحترم لا دينا ولا عرفا. كما أوجب على الأجهزة الأمنية تقديم الجناة إلى القضاء ليفصلفي حكمهم الشرعي، مشدّدا على أنّه فرض على القضاة حجزهم إلى وقت الغروب وإجبارهمعلى الصوم باعتبار أنّ أحكام الصيام تجري على كلّ المسلمين إلا من له عذر شرعي، ثمّعلى القاضي حسبه أنّ يعرّفهم بشنيع فعلهم فمن اعترف بالذنب وأقّر بوجوب الصوم وحرمةالشهر فيجب أن يؤدّب وهو داخل في جملة المسلمين العصاة، أمّا من أصرّ على التصريحبالإفطار- يكمل الشيخ- وانتهاك شهر رمضان علنا وإنكار فريضة الصوم فيه كمعلوم منالدّين بالضرورة فهو كافر بالله تعالى وخارج عن ملّة المسلمين في جملة "المرتدين"، ماجعله يدعو القضاء الجزائري إلى معاملتهم وفق أحكام المرتد ومنها حسبه أنّ الميّت منهم"لا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلّى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يورث" وما إلى ذلك منتفاصيل أحكام المرتد المبثوثة في كتب الفقه الإسلامي.
كما صنّف رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبد الرزاق قسّوم الفعل فيإطار "استفزاز" للمواطنين يوجب على الدولة التدخّل بالقوّة لمنع من ينكر معلوما من الدّينبالضرورة وينشر الفتنة مدرجا إيّاهم ضمن "المرتدين" وحماية الصائمين منهم.
وينصّ قانون العقوبات الجزائري المادة 144 مكرر 2 على "تجريم وعقوبة" كل من أساءإلى الرسول- صلى الله عليه وسلم- أو بقية الأنبياء أو استهزأ بالمعلوم من الدين بالضرورةأو بأي شعيرة من شعائر الإسلام سواء عن طريق الكتابة أم الرسم أم التصريح أم أيوسيلة أخرى ما يفرض على النيابة العامة مباشرة إجراءات المتابعة الجزائية تلقائيا. وحدّدالقانون أركان "الجريمة" في خمس نقاط منها ما هو مادّي ومنها ما هو معنوي تلخّص فيالاستهزاء بمعلوم من الدّين بالضرورة كالصوم والصلاة بأي وسيلة كانت ومنها التصريحبانتهاك حرمة الشهر الفضيل على علم وإرادة من الجناة. إلا أنّ العقوبة المحددة قانونابدورها مخالفة للشريعة الإسلامية.
الشارع يستنكر المبادرة ويدعو لتجاهلها
"الماك" يحرّض مجددا أنصاره على انتهاك حرمة رمضان بمنطقة القبائل
دعت حركة الانفصال لمنطقة القبائل التابعة للمغني فرحات مهني أنصارها بتكرار ما أسمتهبمبادرة "فرض الحريات الدينية والمعتقد"، وذلك صبيحة اليوم الموافق للثالث من شهرجويلية بالقرب من مقام معطوب الوناس بتيزي وزو، حيث يتجمع هؤلاء للإفطار علنا تعبيراعن رفضهم لما قالوا عنه تضييق ضد الحريات، في حين نادت الحركة لتنظيم نفس الخطوةبتاريخ الخامس جويلية بلدية أوقاس ببجاية.
هذه الخطوة التي أقدمت عليها الحركة خلال شهر رمضان المنصرم، أثارت ردود فعل سلبيةمن قبل مختلف طبقات المجتمع نظرا للطريقة الاستفزازية التي حاول بها هؤلاء التعبير عنآرائهم او حتى المطالبة بما أسموه حقوقا مشروعة، حيث صرح ممثلون عن المجتمع المدنيلـ"الشروق" ان هذه الخطوة على السكان وحتى الإعلام تجاهلها، لأنها لا تتعد كونها خرجةمن الخرجات اللامسؤولة التي تتبناها الحركة منذ ظهورها، انطلاقا من مبدئها المناديللانفصال رغم عدم اعتمادها من طرف سكان منطقة القبائل كمتحدث او ممثل رسمي، يتحركسياسيا باسمهم.
وتعد هذه الحادثة الثانية من نوعها بالمنطقة، وقد استنكرت السنة الفارطة عدة أحزابسياسية وحركات المجتمع المدني الناشطة بولاية تيزي وزو خرجة بعض الأشخاص الذيناستعانوا بعدد من المهاجرين المسيحيين ليعتدوا على حرمة الشهر الفضيل علنا، محاولينإعطاء القضية بعدا سياسيا، بتعمدهم استفزاز مصالح الأمن ودفعهم لاعتقال بعض النشطاءقصد استغلال الأمر كورقة توظف دوليا من قبل الحركة، إظهارا وتنديدا بالتضييق علىالحريات في الجزائر، إلا ان تعامل السلطات والقضية أخلط أوراق هؤلاء، ولعل الرد الأقوىكان من طرف السكان الذين ردوا بإفطار وصلاة جماعية في نفس المكان دون تحضير مسبقاو جهة معينة لتنظيمه، من قبل سكان خرجوا طوعا للتعبير عن رفضهم القاطع في توظيفهوية وتاريخ المنطقة في قضايا لا تخدم سوى أقلية تمثل نفسها لا غير.
عدد من رؤساء الجمعيات والناشطين في تيزي وزو، دعوا إلى تجاهل هذه الخطوة التي لاتخدم لا المنطقة ولا الوطن من أي زاوية تذكر، سوى أنها تلطخ سمعة منطقة كانت وماتزالاكبر بكثير من ان يمثلها هؤلاء أو يلقونها درسا في الحريات، رافضين إخضاعهم لرغباتوأهداف ضيقة تخدم مصالح أجنبية وأياد رغبت ولاتزال ساعية لخراب الوطن، داعين إلىترك الدين وشعائره بعيدا عن السياسة وعدم العبث بالسكان.
وبخصوص مراسلة أعضاء الحركة للسلطات المحلية ومطالبتها بالترخيص للمطاعموالمقاهي الراغبة في فتح أبوابها خلال شهر رمضان وإمهالها مدة أسبوعين قبل الردبطريقتهم الخاصة، أضاف متحدثون عن السكان أنهم كانوا ليساندوا الحركة لو هددت وطالبتالسلطات بمشاريع تنموية تزيح تيزي وزو من تذيلها للترتيب الوطني من حيث المشاريعالقاعدية المنجزة بها، او تطالب بتحسين أوضاع الشباب الذين أصبحوا فريسة سهلةللتهميش والانحراف جراء البطالة والمحسوبية المتفشية، فكيف لهؤلاء ان يغيبوا عنالساحة السياسية في جميع المواعيد المصيرية للبلد آخرها الانتخابات الرئاسية التي كانتالجزائر خلالها بحاجة للجميع، ليظهروا بعد غياب طال سنة كاملة خلال شهر رمضانليطالبوا بحرية "الإفطار العلني"، واغلب قرى الولاية لاتزال معالم الحياة البدائية تنطق بهازواياها، وكأننا في فجر الاستقلال ولسنا على بعد 52 سنة من استرجاع السيادة الوطنية،فكيف لهؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم ممثلين ومتحدثين باسم القبائل أن يطالبوا بهذا "الحق"ويتجاهلون المطالب وأدنى الحقوق المشروعة -يقول احد المجاهدين- لذا فإن هذه الخطوة لاتمثل سوى هؤلاء ويتمسك سكان منطقة القبائل باستنكارهم لها ورفضهم لمثل هذه التصرفاتالاستفزازية التي لا تشرف أيا كان مهما كانت ديانته او مواقفه وميولاته السياسية.
كلمات دلالية :
وكالين رمضان