التي تلبّي احتياجات الناس وتحلّ مشاكلهم ، وترسم لهم منهج التعامل مع مواقف الحياة ومجرياتها، وغزوة بدر، هي إحدى الغزوات المليئة بالعظات والعبر، والمعاني والدلالات، فيحسن الوقوف أمام تلك التجربة لإلقاء الضوء على أحداثها واستخراج الفوائد من بين سطورها، إن أبرز ما جاءت به غزوة بدر، تأكيد مبدأ الشورى، باعتباره مبدأً من مباديء الشريعة وأصلاً من أصول الحكم، وصورةً من صور التعاون على الخير، يحفظ توازن المجتمع، ويجسّد حقيقة المشاركة في الفكر والرأي، بما يخدم مصلحة الجميع، فرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المؤيّد بالوحي استشار أصاحبه في تلك الغزوة أربع مرّات، فاستشارهم حين الخروج لملاحقة العير، واستشارهم عندما علم بخروج قريشٍ للدفاع عن أموالها، واستشارهم عن أفضل المنازل في بدر، واستشارهم في موضوع الأسرى، وكلّ ذلك ليعلّم الأمة أن تداول أي فكرة وطرحها للنقاش يسهم في إثرائها وتوسيع أفقها، ويساعد كذلك على إعطاء حلول جديدة للنوازل الواقعة، كما أقرّ النبي صلى الله عليه وسلم بمبدأ آخر لا يقلّ أهمية عن سابقه، وهو تطبيق المساواة بين الجندي والقائد، ومشاركته لهم في الظروف المختلفة، يتّضح ذلك في إصراره عليه الصلاة والسلام على مشاركة أبي لبابة وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما في المشي وعدم الاستئثار بالراحلة، وقد تبيّن بجلاء من خلال هذه الغزوة ، ومن خلال الآيات التي تناولتها، حقيقة النصر وكونها بيد الخالق سبحانه، قال تعالى : {وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم}، وأن النصر لا يتم إلا باستتمام أسبابه كلها، فليست القوة وحدها هي مفتاح النصر، ولو كانت كذلك لكان النصر من نصيب المشركين الذين فاقوا الصحابة عددا وعُدّة، وبذلك نرى أن المسلمين عندما استكملوا أسباب النصر وأتمّوا شروطه تحقّق لهم النصر في هذه المعركة.
كلمات دلالية :
غزوة بدر الكبرى