بما أنّ منتخبنا حسم ورقة التّأهل للدور الأخير مبكّرا بعد فوزيه الأخيرين أمام البينين ورواندا، لم يعد هناك من أمر يشغل بال الجزائريين سوى إياب المباراة الفاصلة والمكان الذي ستجرى فيه، وبعدما كان الغموض يكتنف الطريقة التي ستلجأ إليها "الفيفا" من أجل برمجة المباريات الفاصلة، كانت "الهدّاف" أوّل من كشفت في خضمّ الأسبوع الجاري على أنّ الإتحاد الدولي لكرة القدم سيلجأ لعملية القرعة في مبارتيّ الذهاب، دون أن يمنح أي أفضلية للمنتخبات الخمسة التي تتربع على عرش الكرة الإفريقية في الترتيب العام لـ "الفيفا"، ما يعني أن الجزائر يمكن أن تلعب إياب المباراة الفاصلة خارج القواعد.
فليطمئن الجمهور الجزائري لأن تشكيلة البوسني حققت أربعة انتصارات خارج القواعد
وإن كان موعد عملية القرعة لم يحن بعد، وإن كانت الجزائر غير معنية بعد بلعب إياب المباراة الفاصلة مخارج قواعدها، إلا أنّنا وإن سلّمنا بأنّ لقاء العودة سيلعب خارج القواعد أمام أحد المنتخبات الخمسة التي قد نواجهها، فإن ذلك لا يعني أن الجزائر مرشحة للخروج من السباق، ومرشحة لتضييع ورقة التأهل إلى "المونديال" في الرّمق الأخير، بل إن لكتيبة البوسني وحيد حليلوزيتش كلمة تقولها حتى ولو لعبت لقاء العودة بعيد عن ميدانها وجماهيرها، لا لسبب سوى لأن هذه الكتيبة ومنذ قدوم البوسني باتت متخصّصة في الإنتصارات خارج القواعد، فالبوسني الذي استهل مشواره منذ إشرافه على العارضة الفنية بتعادل إيجابي في تانزانيا، حقق أربعة انتصارات خارج القواعد، ولم ينهزم سوى مرة واحدة أمام مالي في التصفيات الحالية، ومرتين في نهائيات كأس إفريقيا بطريقة ساذجة أمام تونس وطوغو، أما باقي اللقاءات فإما كان يفوز بها أو يتعادل على الأقل، ولكي يطمئن الشعب الجزائري مسبقا على قوة منتخبه خارج القواعد، فليعد إلى انتصارات "الخضر" في "بانجول" أمام غامبيا (2/1) وعلى ليبيا (1/0) في الدار البيضاء المغربية، ومؤخّرا على البينين (3/1) في "بورتو نوفو" وعلى رواندا (1/0) في كيغالي.
ثقافة الفوز خارج القواعد صارت راسخة في أذهان وشخصية اللاعبين الحاليين
نعم ثقافة اللعب الهجومي والفوز خارج القواعد صارت راسخة في أذهان وشخصية اللاعبين الحاليين للمنتخب الوطني، إذ أنهم أظهروا حتى الآن بأنهم قادرون على فرض منطقهم ضدّ أي منتخب كان وفي عقر داره أيضا، والعودة لكلّ اللقاءات التي لعبوها خارج القواعد تثبت ذلك، ولن نتحدث عن تلك التي سيطروا وفازوا بها، بل بودّنا أن نتطرق إلى تلك التي خسروها، لأن الجزائر في بوركينافاسو أمام منتخب مالي سيطرت طولا وعرضا على مجريات اللقاء، ولولا التعب والرطوبة لما نجح زملاء "سيدو كايتا" في قلب الطاولة عليها في المرحلة الثانية من اللقاء، والأمر نفسه تكرّر في نهائيات كأس إفريقيا بجنوب إفريقيا، عندما سيطر منتخبنا طولا وعرضا على تونس، وسقط في الوقت بدل الضائع من ركلة قوية طائشة خادعت مبولحي، وكذلك الأمر أمام طوغو عندما رفضت فرص سليماني ورفاقه دخول مرمى المنافس، فكان العقاب قاسيا من أديبايور وزملائه، والخلاصة بخصوص هذه النقطة أن منتخبنا يجيد اللعب خارج القواعد مثلما يجيده في ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة.
نتيجة مريحة ذهابا ستضمن التأهل إيابا
وعلى الجزائريين ممن شاهدوا "هلال" المونديال مسبقا عقب العودة بزاد خرجتي البينين ورواندا، أن يطمئنوا لأن منتخبنا وفضلا عن قوّته خارج قواعد، سيلعب مباراة على أرضه، ألا وهي مباراة الذهاب بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة منتصف شهر أكتوبر، وهي المباراة التي سيعمل خلالها على توظيف عاملي الأرض والجمهور لصالحه، من أجل تحقيق نتيجة مريحة تضمن له اللعب بأكثر ارتياح في مباراة العودة، وفي حال ما إذا فاز على ضيفه بفارق هدفين فقط دون أن تتلقى مرماه أي هدف، فسيكون في منأى عن أي مفاجأة غير سارة في مباراة العودة، لأن خسارة منتخبنا بثلاثية خارجه قواعده ضرب من الخيال صراحة.
ملحمة "أم درمان" شاهدة على قوّة منتخبنا في السد خارجيا
ولمن نسي أن يعود بذاكرته إلى الوراء كي يعرف قوة الجزائر في اللقاءات الفاصلة خارج القواعد، عليه أن يعود قرابة أربع سنوات إلى الوراء، وبالضبط إلى 18 نوفمبر من سنة 2009، عندما لقّن منتخبنا نظيره المصري درسا في الرجولة وكرة القدم، صانعا ملحمة أطلق عليها ملحمة "أمّ درمان" التي سيحفظها التاريخ عن ظهر قلب، كيف ولا وأرض السودان كانت مسرحا لعودة منتخبنا للمشاركة في أكبر محفل كروي عالمي بعد غياب دام 24 سنة، ومن يفوز على بطل إفريقيا ثلاث مرات متتالية خارج القواعد، بإمكانه أن يفوز على أي منتخب في عقر دياره أيضا.
مهما كانت قيمة المنافس الجيل الجديد يريد خلافة جيل عنتر يحيى
عامل آخر يكون قد أغفله البعض، ويتعلق بالرغبة الجامحة للجيل الجديد من لاعبينا في صنع التاريخ وخلافة الجيل الذهبي القديم الذي سبقه، ونقصد جيل "بلحاج، عنتر يحيى، زياني" وغيرهم، إذ أن الجيل الجديد بقيادة فغولي، مجاني، ابراهيمي، تايدر، لحسن، ڤديورة وسليماني يريد هو أيضا أن يسمع صوته، يريد أن يثبت علوّ كعبه، وعلى قدرته هو أيضا في أن يقود الجزائر إلى "المونديال"، ومن المستحيل أن يفرّط في ورقة التأهل إلى "المونديال" في آخر جولة وآخر رمق حتى لو تعلّق الأمر باللعب في "ستاد" القاهرة الدولي، لأن الجزائر بإمكانها أن تواجه منتخب مصر لو توقعها القرعة أمام هذا المنتخب.
... وإن أوقعتنا القرعة داخل القواعد فالحفل مضمون في تشاكر
وتبقى كل الاحتمالات واردة، فنحن فضلنا أن نتطرق للاحتمال الأسوأ باللعب خارج القواعد، لكن هناك احتمال آخر وهو أن يستفيد منتخبنا من لعب مباراة العودة هنا في أرض الوطن، بعدما يكون قد لعب مباراة الذهاب خارج قواعده، وحينها فالحفل سيكون مضمونا في ملعب مصطفى تشاكر، بما أن منتخبنا لم يعرف السقوط قطّا على هذا الملعب منذ أن استقبل فيه لأول مرة هذه سنوات، ولأن المنافسين يعرفون أنهم في تشاكر لن يكون بإمكانهم أن يفعلوا شيئا سوى التنازل عن النقاط الثلاث ومنح بطاقة العبور لمنتخبنا الوطني الذي يستحق أن يكون حاضرا في البرازيل بالنظر إلى مشواره الإيجابي في التصفيات حتى الآن.
كلمات دلالية :
المنتخب الوطني